Top Ad unit 728 × 90

أخبار الانترنت

مقالات

جمال الروح يتجلى في الكلمات


الجمال البائس!




ماذا تراني أقول؟ مشدوهة أنا أمام ما قرأت... 

الرافعي.. لم يسبق لي أن قرأت روعة ككلماتك
وكأن أبجديتك أنستني حروف أبجديتي..
أي روعة.. أي عبقريّة.. بل أي سحر!

دموعي تسطر هذه المراجعة.. وماذا بجعبة امرأة تقرأ أحزان امرأة أخرى..وبؤس جمالها؟!
وماذا بجعبة إنسان.. يقرأ ألم إنسان سواه؟؟
وماذا لدى المحبّ.. إذ يشرب غصّة محبّ آخر؟!
وهل أملك سوى الدمع.. خشوعا.. رهبة.. تأثّرًا.. إجلالًا.. وإشفاقًا!

"فنظرت إليّ نظرة لن انساها؛ نظرة كأنّها تدمع، نظرة قول بها: ألستُ إنسانة؟
فلم أملك أن قلت لها : تعالَي، تعالَي!"


"لا أدري كيف أحببته، ولكن هذه الشخصية البارزة منه جذبتني إليه؛ وجعلت الهواء فيما بيني وبينه مفعما بالمغناطيس، مصدره ومعناه: هو؛ ولا شيء فيه إلا: هو.

عرَضَتْه لي شخصيته ظاهرًا، ﻷنّ جواب شخصيته فيّ، وأصبح في عينيّ كبيرًا ﻷنّ جواب شخصيتي فيه، ومن ذلك صارت أفكاري نفسها تزيده كل يوم ظهورًا وتزيدني كل يوم بَصرًا، وأعطاه حقّه في الكمال عندي: حقّه في الحبّ منّي!
وبتلك الشخصية التي جوابها في نفسي.. أصبح ضرورة من ضرورات نفسي!!"

"إنّ عطرنا نحن النساء ليس عطرًا، بل هو شعور نثبّته في شعور آخر"

"قال: أعرف متزوجا أحبّ أشدّ الحب وأمضّه، حتى استهام وتدلّه، فكان مع هذا لا يكتب رسالة إلى حبيبته حتى يستأذن فيها زوجته كيلا يعتدي على شيء من حقّها، وزوجته كانت أعرف بقلبه وبحبّ هذا القلب!"
-لم أستغرب من هذه العبارة إذ سمعت أغرب منها عن أزواج يعيشون الشفافية المطلقة منهجًا وسبيلًا-

"قالت: قد قضيت حكمك فينا، ولكنّك أخطأت، فلكل ليل مظلم كوكبه، والكوكب الوقّاد المعلّق فوق المرأة منّا هو إيمانها، نعم! إنّه ليس كإيمان الناس في واجباته، لكنه كإيمانهم في تعزيته.. والله ربّنا وربكم!..
قال: لو أطيع الله بمعصيته لاستقام لك هذا، وإنّما أنت تصفين الإيمان الأوّل ، الذي كان عملًا فصار ذكرى فصارت الذكرى أملًا..فظننت الأمل هو الإيمان!"

وهنا أرى الرافعي جافى الصواب إذ نفى عنها صفة الإيمان، ولعلّها كانت أعمق إيمانًا منه دون أن يدري..
-ولنا في البغيّ التي دخلت الجنّة بكلب سقته أكبر حجّة!-
الرافعي استطاع أن يصفها ويتكلم عنها بلهجة إنسانية رائعة في الكثير من المواضع، لكنّه لم يتحرر من السياق الاجتماعي الذي يجعلها دون مرتبة البشر بنظره.. 
مظلومة هي، من المجتمع الذي ساقها لتغدو بائعة هوى.. والمجتمع الذي ساقها لهذا وألجأها إليه سواء لحاجة ماليّة، أو بعد عثرة لا يمكن تصحيحها بنظره، هو المجرم الظالم، غير الإنساني..
الرافعي كان إنسانا في العديد من المواضع... كان انسانًا بحبّه لها.. لكنّه ما كان منصفا.. لمَ تحدّث الرافعي وصاحبه مطولا عن "سقطة" الأنثى.. وأن الغلطة الأولى تعني النهاية لها، وما أشارا إلى "سقطة" الرجل؟؟
"وهذه الزلّة الأولى هي بدء الانهيار، في طباع رقيقة متداخلة متساندة لا يقيمها إلا تماسكها جملة، وما لا يتماسك إلّا بجملته، فأول السقوط فيه هو استمرار السقوط فيه"
لمَ لا نفتح أيدينا لها بعد العثرة الأولى؟ بدل أن يفتحها لها تجّار الهوى وأندية الليل؟؟
إن كان الله يغفر فبأي حقّ نسلب إنسانة حقّها في الحياة الشريفة ونتركها لتغرق في مستنقع موحل وما كان أسهل احتواءها وانقاذها؟
وكيف يحقّ لنا بعدها أن نشتمها ونعيب عليها الطريق الذي دفعناها له بعدم احتوائنا واستقطابنا؟
لمَ لم يخبرنا الرافعي عن ذاك المخلوق المنقاد بعاطفته بداية؟ وأي حب واحتواء يحتاجه؟
الرافعي أحبّ ذات الجمال البائس.. لكنّه حبّ آني مشفق.. لا حبّ غير مشروط

" أنّ الرجل إذا كان شريفا لم يحبّ المرأة الساقطة، إذ يعاب بصحبتها والاختلاف إليها.. فإذا كان ساقطا لم تحبّه هي، إذ هو صيدها وفريستها.."

أحبّها..
لكنّه لم يتصالح مع الأنثى.. ولم ينصفها برأيي..
لم يستطع أن ينتشلها مما ألجأها إليه المجتمع.. فغدت وصمة العار لاحقة فيها طيلة عمرها 
وكم من ذات جمال.. غدا بائسا لبؤس المجتمع وعدم انصافه..



"وغطّت وجهها بيديها، وقالت: إنّك لا تزال ترجم بالحجارة.. إنّ فيك لمتوحشا
قلت: بل متوحّشة.. إنّك أنت قد تكلمتِ فيّ.. فجمالك الذي يضع الإنسان في ساعة مجنونة ليمتّعه بطيشها قد وضعنا نحن في ساعة مفكّرة وأمتعنا بعقلها.. وإذا قلتُ جمالك فقد قلتُ وحيك، إذ لا جمال عندي إلّا ما فيه وحي!"


قصة من قصص كتابه وحي القلم، قرأتها في جلسة واحدة.. سلبتني من كتاب عبد الرزاق الجبران الذي أقرأه ولم تسلبني جوّه ووجوديته.. إذ من عساه يجعلنا نفهم الوجوديّة أكثر من هموم الناس وأشواقهم.. واحتكاكنا الوجوديّ بهم؟
رغم عدم اتفاقي مع بعض آراء الرافعيّ.. إلا أن جزالة ألفاظه وروعة أسلوبه أبهرتني..
من أجمل ما قرأت في الأدب..

"وداعًا.. يا حبّها"
وهل نملك -ولو ودّعناه بألسنتنا- أن نودّع الحبّ ونخرجه من قلوبنا، يا أيها الرافعيّ؟؟
جمال الروح يتجلى في الكلمات Reviewed by aymen on 18:24:00 Rating: 5

Aucun commentaire:

Privacy Policy

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

Fourni par Blogger.